روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | من صفات الداعية.. الثقة بالله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > من صفات الداعية.. الثقة بالله


  من صفات الداعية.. الثقة بالله
     عدد مرات المشاهدة: 2722        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد:

فاعلم- حبيبَ القلب- أن الداعيةَ الرباني، وهو في خضمِّ دعوته يبقى واثقًا من معية الله وحفظه، موقنًا بتأييده ونصره، يأبى الخنوعَ والانقياد لمعالم الجاهلية، فتراه يعاندها ويهزز كبرها شامخًا مستعليًا بعقيدته، مرددًا بنشوة علوية سامية قوله تعالى: {ولقد أرسلنا من قبلك رسلًا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين} [الروم: 47] بل إنه وهو في أقصى أوقات المحنة، ليبقى منتظرًا ساعاتِ التمكين المذكورةَ في قوله تعالى: {حتى إذا استيئس الرسلُ وظنوا أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرُنا فنجي من نشاء ولا يرَدُّ بأسُنا عن القوم المجرمين} [يوسف: 110] واسمع إلى سيد- طيَّب الله ثراه- وقد اهتز وجدانُه من عظيم الخطب المذكور فيها فأنشأ يتأملها قائلا: (إنها صورةٌ رهيبة، ترسمُ مبلغَ الشدةِ والكرب والضيق في حياة الرسل، وهم يواجهون الكفرَ والعمى والإصرار والجحود، وتمر الأيامُ وهم يدعون فلا يستجيبُ لهم إلا قليل، وتكر الأعوامُ والباطلُ في قوته وكثرة أهله، والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة. إنها ساعات حرجة، والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر. والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحققُ لهم في هذه الأرض. فتهجسُ في خواطرهم الهواجس.. تراهم كُذِبوا؟ ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا؟.. في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب، ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل، ولا تبقى ذرة من الطاقة المدخرة. في هذه اللحظة يجيء النصر كاملًا حاسمًا فاصلا).

وعليه فأنت- أخي الداعية- ثابتٌ مصابرٌ لا غرابة، منتظرٌ ساعاتِ العزةِ والتمكينِ القادمةَ لا محالة {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا تنفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} فأنت منصورٌ في الدنيا وإن توهم متوهم غير ذلك؛ على أن الحافظ ابن كثير قد رد شبهات المتوهمين، وشكوك المرجفين، فأبان أن الله تعالى (لم يبعث رسولًا قط إلى قومٍ فيقتلونه، أو قومًا من المؤمنين يدعون إلى الحق فيُقتلون، فيذهب ذلك القرنُ حتى يبعثَ اللهُ تبارك وتعالى من ينصرهم، فيطلب بدمائهم ممن فعلَ ذلك في الدنيا.. فكانت الأنبياءُ والمؤمنون يُقتلون في الدنيا وهم منصورون فيها).

وتأمل- بارك الله فيك- كيف كان المؤمنون يأتون النبيَ صلى الله عليه وسلم يستنصرونه، وهم في أحلكِ أوقاتِ الكربِ والمحنة، وهو محاربٌ من جميع صنوف الكفر الجاهلي، ومع ذلك فقد كان يبشرهم بنصر الله قائلا: «والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» رواه البخاري.

بل إنه عليه- الصلاة والسلام- في أحلك أوقات المحنة والهجرة كان يبشر سراقة بسواري كسرى ويبشر عموم المؤمنين بأن هذا الدين منصورٌ لا محالة، وأنه لن يدع بيت مدر ولا وبر إلا ودخله بعز عزيز أو بذل ذليل..

ظنوا- وبعضُ الظنِّ إثمٌ- أننا *** ضعنا وأنَّ الجمرَ صار رمادا

كلا، فما زالت لواعجُ حبِّنا *** لله توقد نارنا إيقادا

رسموا لنا طرقَ الفناء بزعمهم *** كلا، ولكن قرَّبوا الميلادا

هم يسحبون ذيولَ ليلٍ كالحٍ *** والفجرُ يعلن بيننا استعدادا

لا شك أن أمةً قائدُها ومرشدُها إمامُ الواثقين بنصر الله ورفعته، وتأييده وكلاءته، هي أمة منصورة مُمَكَّنَة، مستخلفةٌ في الأرض منعمة في الآخرة، إن هي أخلصت دينها، وأجادت اتِّباعَ نبيها عليه الصلاة والسلام، وأخذت بأسبابِ النصر والتمكين {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} والحمد لله رب العالمين..

الكاتب: محمد العيساوي.

المصدر: موقع كتاب عبد الله بن مسعود.